تقول قارئة: ابنى فى الثامنة عشر من عمره, وقد لاحظت فى الفترة الأخيرة بعض التغيرات فى سلوكه, فهو حزين أغلب الأوقات، أصبح كثير السهر خارج البيت وعندما يعود إلى المنزل لا يستطيع النوم إلا بعد ساعتين على الأقل, وأصبح عصببًا ولا يقبل أى نقد، وكثير الشجار مع أخوته، وفاقد الشهية لتناول الطعام, ويطالبنا بأموال أكثر من المعتاد, ولهذا قمت بتفتيش مكتبه، فوجدت بودرة بيضاء فى طبق مرصوصة على شكل خطوط.. هل هو مدمن؟ وما المادة المخدرة وكيف أتعامل معه؟
تجيب على السؤال الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس قائلة:
أحب أن أنبه الأم إلى أن المادة الموجودة بمكتب الابن غالبا ما تكون مادة الكوكايين، وهو مسحوق أبيض يضاف له مسحوق السكر أو مادة البروكين لغشه, وقد انتشرت هذه المادة مؤخرًا فى مصر, وكثير من مدمنى الكوكايين كان لديهم تاريخ إصابة بالاكتئاب قبل الإدمان، وحاولوا تجريب الكوكايين لرفع مزاجهم، وهذا خطأ قاتل يقع فيه بعض مرضى الاكتئاب. ورغم أن الكوكايين يرفع المزاج بشكل سريع إلا أنه بعد زوال مفعوله يكتئب المتعاطى بشكل سريع أيضًا، ويكون اكتئابه سريعًا، وقد يقود إلى الانتحار.
أولا، أحب أن أوضح أن تعاطى وإدمان الكوكايين، أصبح فى تزايد مستمر بين الشباب، وخصوصا شباب الجامعات ورواد الحفلات، لأن الكوكايين يرفع المزاج سريعًا جدًا، ولكن بعد ذلك يدخل الشاب فى حالة اكتئاب شديدة، مما يجعله يحاول أن يتعاطى مرة أخرى ويزيد الجرعة حتى يصل إلى مستوى النشوة الأولى، مما يحول الشخص سريعًا من متعاطى إلى مدمن.
وعن كيفيه التعرف على الشخص المتعاطى لمادة الكوكايين تقول الدكتورة هبة عيسوى: عندما يتعاطى الشخص الكوكايين يشعر بنشوة وخفة وإحساس عالى بالثقة بالنفس قد يصل إلى الإحساس بالعظمة، يكون كثير الحركة كثير الكلام والضحك مهما اعتلاه من هم وغم، تظهر حدقة العين متسعة, لديه تسارع فى ضربات القلب وارتفاع درجة الحرارة، ورعشة باليدين, عرق شديد , ارتفاع ضغط الدم، ثقب فى الحاجز الأنفى.
وتتسبب الجرعات الزائدة لمتعاطى الكوكايين كما تقول د.هبة فى حالة من الهياج والعصبية والعدوانية، فيميل المتعاطى إلى الاعتداء على الآخرين، ويفقد التقدير السليم للمواقف وحكمة على الأمور وهلاوس سمعية وبصرية.
وتشير إلى أنه إذا توقف الشخص المدمن على الكوكايين عن التعاطى بشكل مفاجئ، فإنه عندئذ يعانى من إرهاق شديد جدًا، وشراهة للأكل مبالغ بها، ويصبح مكتئبًا بشكل شديد.
عادة لا يحتاج الشخص الذى يتوقف عن الكوكايين إلى الدخول إلى مستشفى فى أغلب الحالات، ولكن يحتاج إلى مراقبة دقيقة حتى يمكن ملاحظة أى اضطراب نفسى قد ينتج جراء التوقف عن الكوكايين. أكثر ما يخشى منه هو الاكتئاب لأن الاكتئاب قد يحتاج إلى تدخل سريع لمنع الشخص من عدم إيذاء نفسه، خاصة الانتحار الذى قد يعقب التوقف المفاجئ عن الكوكايين، وعن علاج وإعادة تأهيل مدمنى الكوكايين تقول د.هبة لابد من:
- تنقية الجسم من الكوكايين “Detoxification” بعد التوقف النهائى عن التعاطى.
- عمل تحليل بول متكرر وبصورة غير منتظمة للكوكايين، وذلك لضمان استمرارية الإقلاع، وخاصة فى الأسابيع أو الشهور الأولى من بداية الإقلاع.
- وتعتمد سياسة علاج منع الانتكاسات بصفة أساسية على العلاج المعرفى السلوكى.
الكاتب: عفاف السيد
المصدر: موقع اليوم السابع